فصل: باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ***


باب الجنايات في الحج

لما بين أحكام المحرمين شرع فيما يعتريهم وإنما جعلها باعتبار أنواعها ‏;‏ لأن الواجب بها قد يكون دما أو دمين أو تصدقا ودما أو غير ذلك الجناية اسم لفعل محرم شرعا وفي اصطلاح الفقهاء إنما تطلق على ما يكون في النفس أو الطرف وأما الفعل في المال فغصب أو سرقة أو نحوها ‏(‏ إن طيب ‏)‏ أي استعمل طيبا ولو سهوا خلافا للشافعي ‏(‏ المحرم ‏)‏ البالغ ‏;‏ لأن الصبي لا يجب عليه دم ‏.‏ وقال الشافعي يجب عليه ما يجب على البالغ ‏(‏ عضوا ‏)‏ كاملا كالرأس والفخذ والساق وما أشبه ذلك أو قدره في أعضاء متفرقة ولو طيب كل البدن في مجلس واحد كفاه دم وفي مجالس وجب لكل دم عند الشيخين سواء كفر للأولى أو لا ‏.‏ وعند محمد عليه كفارة واحدة ما لم يكفر للأولى ‏(‏ لزمه دم ‏)‏ أي شاة وإنما قيدنا بها ‏;‏ لأن سبع البدنة لا يكفي بخلاف دم الشكر كما في البحر ‏.‏

فصل ‏(‏ وإن طاف للقدوم أو للصدر جنبا ‏)‏ أي شخصا يجب الغسل فيشمل الحائض وغيرها ‏(‏ فعليه دم ‏)‏ فتجب الإعادة ما دام بمكة فإن أعاد قبل الذبح سقط الدم وعند محمد ليس عليه أن يعيد طواف التحية ‏;‏ لأنه سنة وإن أعاد فهو أفضل كما في الشمني ‏.‏

فصل لما كانت الجناية على الإحرام في الصيد نوعا آخر فصله عما قبله في فصل على حدة ‏(‏ إن قتل محرم صيد بر ‏)‏ ولو من غير الحرم وقيده بالبر ‏;‏ لأن صيد البحر حلال للمحرم سواء كان مأكولا أو لا وهو الصحيح كما في أكثر المعتبرات وبه يظهر ضعف ما قيل من أنه لا يحل له إلا ما يؤكل لحمه خاصة ‏,‏ والصيد الحيوان المتوحش بأصل الخلقة وهو نوعان بري يكون تولده في البر وبحري عكس ذلك ولا معتبر بالمعاش ‏(‏ أو دل ‏)‏ المحرم ‏;‏ لأن الحلال إذا دل عليه لا شيء عليه ‏.‏ وفي الهاروني إذا دل عليه محرما عليه نصف قيمته ‏(‏ عليه ‏)‏ أي على صيد ‏(‏ من قتله فعليه الجزاء ‏)‏ وعند الشافعي ومالك لا شيء على الدال وهو القياس والدلالة المعتبرة أن يكون من الدال محرما عند أخذ المدلول الصيد والمدلول غير عالم بمكانه وأن يصدق المدلول الدال في هذه الدلالة حتى إذا كذبه ولم يتبع الصيد بدلالته ودل عليه آخر فصدقه وقتل الصيد فالجزاء على الثاني ‏,‏ وعلى هذا لو قال أو كان سببا له بالدلالة عليه كما في الإصلاح لكان أشمل ‏(‏ وهو ‏)‏ أي الجزاء ‏(‏ قيمة الصيد بتقويم عدلين ‏)‏ لهما بصارة في قيمة نفس الصيد فلا يعتبر كون البازي معلما ‏.‏ وفي الكافي والواحد يكفي والمثنى أحوط ‏(‏ في موضع قتله ‏)‏ إن كان له قيمة فيه كبلد ‏(‏ أو في أقرب موضع منه إن لم يكن له فيه ‏)‏ أي في موضع قتله ‏(‏ قيمة ‏)‏ بأن كان في الصحراء لا يباع فيه الصيد ولا بد من اعتبار الزمان والمكان في القيمة على الأصح ‏;‏ لأنها مختلفة باعتباره كما في المحيط ‏(‏ ثم ‏)‏ إن علمت قيمته بتقويمهما للقاتل أو الدال الخيار فيه ‏(‏ إن شاء اشترى بها ‏)‏ أي بالقيمة ‏(‏ هديا إن بلغت ‏)‏ قيمته ثمن الهدي ‏(‏ فذبحه بالحرم ‏)‏ فيخرج عن العهدة بمجرد ذبحه فيه ولو ذبح في غير الحرم لا يخرج عن العهدة إلا إذا تصدق على كل مسكين قدر قيمة نصف صاع من بر ‏.‏ ‏(‏ وإن شاء اشترى بها طعاما فتصدق به ‏)‏ أي بالطعام ‏(‏ على كل فقير نصف صاع من بر أو صاع ‏)‏ من ‏(‏ تمر أو شعير لا أقل ‏)‏ مما ذكر ولو دفع أكثر متبرعا بما زاد جاز ‏.‏ ‏(‏ وإن شاء صام عن طعام كل فقير ‏)‏ أي كل نصف صاع أو صاع مأخوذ من القيمة ‏(‏ يوما فإن فضل أقل من طعام فقير ‏)‏ وكذا إن كان الواجب ابتداء دون طعام مسكين بأن كان قيمته أقل من نصف صاع وعلى هذا لو بلغ أكثر من هديين إن شاء ذبحهما أو تصدق بهما أو صام عنهما أو ذبح أحدهما وأدى بالآخر ولا يجوز بالهدايا إلا ما يجوز في الضحايا ‏(‏ تصدق به أو صام عنه ‏)‏ أي عما فضل ‏(‏ يوما كاملا ‏)‏ ‏;‏ لأن الصوم لا يقبل التجزؤ ‏(‏ وعند محمد ‏)‏ وهو مذهب الشافعي ومالك ‏(‏ الجزاء نظير الصيد في الجثة فيما له نظير ‏)‏ لقوله تعالى ‏{‏ فجزاء مثل ما قتل من النعم ‏}‏ ‏(‏ ففي الظبي شاة وفي الضبع شاة وفي الأرنب عناق ‏)‏ وهي الأنثى من ولد المعز ‏(‏ وفي اليربوع جفرة ‏)‏ وهي الأنثى من ولد المعز ما بلغت أربعة أشهر ‏(‏ وفي النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة وما لا نظير له ‏)‏ من الحيوان ‏(‏ فكقولهما ‏)‏ أي فجزاؤه قيمة الصيد بتقويم عدلين مثل العصفور والحمامة وأشباههما ‏(‏ والعامد والناسي ‏)‏ سواء كانا قاتلين أو دالين ‏(‏ والعائد والمبتدئ في ذلك ‏)‏ أي في وجوب الجزاء ‏(‏ سواء ‏)‏ لعدم اختلاف الموجب ‏.‏

باب مجاوزة الميقات بلا إحرام

‏(‏ باب مجاوزة الميقات بلا إحرام ‏)‏ ‏(‏ من جاوز الميقات ‏)‏ قاصدا دخول مكة ‏;‏ لأنه لو لم يقصد بل أراد بينهما وبين المواقيت كالبستان مثلا لحاجة مست إليه فله أن يدخل مكة بلا إحرام كما بين آنفا ‏(‏ غير محرم ‏,‏ ثم أحرم ‏)‏ بعرفات جاز حجه و ‏(‏ لزمه دم ‏)‏ لارتكابه المنهي عنه ‏(‏ فإن عاد إليه ‏)‏ أي الميقات قبل الشروع في الأفعال حال كونه ‏(‏ محرما ‏)‏ بحجة ‏,‏ أو عمرة في الطريق ‏(‏ ملبيا سقط ‏)‏ الدم عند الإمام ‏(‏ وعندهما ‏)‏ والشافعي في قول ‏(‏ يسقط ‏)‏ الدم ‏(‏ بعوده محرما وإن لم يلب ‏)‏ ‏.‏ وقال زفر والأئمة الثلاثة لا يسقط لبى ‏,‏ أو لم يلب ‏.‏ ‏(‏ وإن عاد ‏)‏ إلى الميقات ولا فرق بين عوده إلى هذا الميقات وإلى ميقات آخر في الصحة وإن كان الأول أولى ‏(‏ قبل أن يحرم فأحرم منه سقط ‏)‏ الدم بالاتفاق ‏.‏ ‏(‏ وكذا ‏)‏ يسقط الدم ‏(‏ لو أحرم بعمرة ‏)‏ داخل الميقات ‏(‏ ثم أفسدها وقضاها ‏)‏ ‏;‏ لأنه يقضيها كاملا بإحرام من الميقات فينجبر به ما نقص من حق الميقات بالمجاوزة عنه بغير إحرام خلافا لزفر ‏.‏ ‏(‏ وإن عاد ‏)‏ إلى الميقات ‏(‏ بعد ما شرع في الطواف ‏)‏ لا بعدما شرع في نسك ‏(‏ لا يسقط ‏)‏ الدم لكن هل العود أفضل أم تركه ‏.‏ وفي المحيط إن خاف فوت الحج إذا عاد لم يعد ويمضي في إحرامه وإن لم يخف فوته عاد ‏;‏ لأن الحج فرض والإحرام من الميقات واجب ‏,‏ وترك الواجب أهون من ترك الفرض كما في البحر ‏.‏ ‏(‏ وإن دخل كوفي البستان ‏)‏ أي بستان بني عامر ولو عمم الداخل والمدخول لكان أولى لكن قد وقع في عبارة محمد كذا فتبعه تبركا ‏(‏ لحاجة فله دخول مكة غير محرم ‏)‏ ‏;‏ لأن البستان غير واجب التعظيم فلا يلزمه الإحرام بقصده فإذا وصله التحق بأهله فله أن يدخل مكة بلا إحرام وينبغي أن لا يجوز هذه الحيلة للمأمور بالحج ‏;‏ لأنه مأمور بحجة آفاقية وإذا دخل مكة بغير إحرام صارت حجته مكية فكان مخالفا كما في البحر ولا فرق بين أن ينوي الإقامة في البستان ‏,‏ أو لم ينو وعن أبي يوسف لا بد من الإقامة ‏(‏ وميقاته ‏)‏ أي الكوفي الداخل في البستان ‏(‏ البستان ‏)‏ للحج والعمرة والمراد به جميع الحل الذي بينه وبين الحرم ‏(‏ ومن دخل مكة بلا إحرام ‏)‏ لمصلحة له ‏(‏ لزمه حج ‏,‏ أو عمرة ‏)‏ تعظيما للبقعة المباركة ‏(‏ فلو عاد ‏)‏ إلى الميقات ‏(‏ وأحرم بحجة الإسلام في عامه ‏)‏ ذلك لا بعده ‏(‏ سقط ‏)‏ عنه ‏(‏ ما لزمه بدخول مكة ‏)‏ من الحج ‏,‏ أو العمرة ‏(‏ أيضا ‏)‏ أي كما يسقط الدم والقياس أن لا يسقط اعتبارا بما لزمه بسبب النذر وصار كما إذا تحولت السنة وهو قول زفر ‏.‏ ولنا أن الواجب عليه أن يكون محرما عند دخول مكة تعظيما لهذه البقعة لا أن يكون إحرامه لدخوله على التعيين بخلاف ما إذا تحولت السنة ‏;‏ لأنه صار دينا في ذمته فلا يتأدى إلا بالإحرام مقصودا ولو قال وإحرام عما عليه في عامه لشمل كل إحرام واجبا حجا أو عمرة ‏,‏ أداء أو قضاء كما في المنح ‏.‏ ‏(‏ وإن بعد عامه ‏)‏ أي إن كان العود والإحرام من الميقات بعد عامه ذلك ‏(‏ لا يسقط ‏)‏ ما لزمه ‏;‏ لأنه قد صارت دينا في ذمته بالتفويت فلا يخلص إلا بالإحرام مقصودا ‏.‏ ‏(‏ وإن جاوز مكي أو متمتع الحرم ‏)‏ يريد الحج ‏(‏ غير محرم فهو كمن جاوز الميقات ‏)‏ ‏;‏ لأن إحرام المكي من الحرم والمتمتع بالعمرة المجاوز صار مكيا فإحرامه من الحرم فيجب عليهما دم لمجاوزة الميقات بلا إحرام ‏(‏ ووقوفه ‏)‏ أي وقوف المكي والمتمتع ‏(‏ كطوافه ‏)‏ أي طواف من جاوز الميقات يعني إذا جاوز مكي ‏,‏ أو متمتع الحرم وتوجه إلى عرفات إن عاد قبل الوقوف إلى الحرم فأحرم يسقط الدم وإن عاد بعدما وقف فأحرم لم يسقط كمن جاوز الميقات فطاف وهذه المسألة مما علم حكمه مما ذكر آنفا كما علم حكم مكي أحرم من الحرم للعمرة ‏,‏ أو حل إحرامه منه فلو اختصر لكان أخصر ‏.‏

باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

‏(‏ إضافة الإحرام إلى الإحرام ‏)‏ ‏(‏ مكي طاف لعمرته شوطا ‏)‏ ولو قال أقل من أربعة لكان أولى إذ الحكم لا يختلف بالشوطين والثلاثة لكن قال محمد في الجامع الصغير هكذا وتبعه المصنف تبركا ‏(‏ فأحرم بالحج رفضه ‏)‏ أي الحج ‏(‏ وعليه قضاء حج وعمرة ‏)‏ أما الدم فلأجل الرفض ‏.‏ وأما الحج والعمرة فلمكان الحج الفائت هذا عند الإمام وقالا أحب إلينا أن يرفض العمرة ويقضيها ويمضي في الحج وعليه دم ‏;‏ لأنه لا بد من رفض أحدهما وعند الأئمة الثلاثة لا يرفض وإنما قال طاف شوطا ‏;‏ لأنه لو طاف لها الأكثر ‏,‏ ثم أحرم بالحج رفضه بلا خلاف على ما ذكر في الهداية ‏,‏ وفي المبسوط لا يرفض واحدا منهما ‏;‏ لأن للأكثر حكم الكل فصار كما لو فرغ منها وعليه دم لمكان النقض بالجمع بينهما وإذا لم يطف للعمرة شيئا يرفضها اتفاقا وقيد بالمكي ‏;‏ لأن الآفاقي إذا أهل بالعمرة أولا فطاف لها شوطا ‏,‏ ثم أهل بالحج مضى فيهما ولا يرفض الحج ‏(‏ فلو أتمهما ‏)‏ أي الحج والعمرة ‏(‏ صح ‏)‏ ‏;‏ لأنه أدى أفعالهما كما التزمهما غير أنه منهي عنه والنهي لا يمنع تحقق الفعل كما في الإصلاح ‏(‏ وعليه دم ‏)‏ لجمعه بينهما وهو دم جبر لا يجوز له أن يأكل منه بخلاف الآفاقي حيث يجوز له الأكل ‏;‏ لأنه دم شكر ‏(‏ ومن أحرم بحج ‏)‏ فحج وفرغ منه ‏(‏ ثم ‏)‏ أحرم ‏(‏ بآخر يوم النحر ‏)‏ بحج آخر في العام القابل ‏(‏ فإن كان قد حلق في الأول ‏)‏ قبل الإحرام للثاني ‏(‏ لزمه الثاني ‏)‏ حتى يقضي في العام القابل لصحة الشروع فيه ‏(‏ ولا دم عليه ‏)‏ ولا صدقة ‏;‏ لأن الأول قد انتهى نهايته ‏(‏ وإلا ‏)‏ أي وإن لم يكن حلق للأول ‏(‏ لزمه ‏)‏ الحج الثاني ‏(‏ وعليه دم سواء قصر بعد إحرام الثاني ‏,‏ أو لم يقصر ‏)‏ عند الإمام ‏;‏ لأنه إن قصر فقد جنى على إحرام الثاني وإن كان نسكا في إحرام الأول إن لم يقصر فقد أخر النسك عن وقته ‏.‏ والمراد بالتقصير الحلق وإنما اختاره اتباعا للجامع الصغير ‏,‏ أو ليصير الحكم جاريا في المرأة ‏;‏ لأن التقصير عام في الرجل والمرأة ‏(‏ وعندهما إن لم يقصر فلا دم عليه ‏)‏ ‏;‏ لأنهما يخصان الوجوب بما إذا حلق والتأخير لا يوجب شيئا وذكر فخر الإسلام أن محمدا في هذا مع الإمام وعند الشافعي لا يصح إحرامه بآخر ‏(‏ ومن فرغ من عمرته إلا التقصير ‏)‏ بأن أحرم وطاف وسعى ولم يقصر ‏(‏ فأحرم بأخرى لزمه دم ‏)‏ جبر ‏;‏ لأنه جمع بين إحرامي العمرة وهو مكروه ‏.‏ ‏(‏ ولو أحرم آفاقي بحج ثم ‏)‏ أحرم ‏(‏ بعمرة لزماه ‏)‏ لأن الجمع بينهما مشروع للآفاقي كالقران لكنه أساء بمخالفة السنة بتأخير العمرة ‏(‏ فإن وقف بعرفة قبل أفعال العمرة ‏)‏ ‏,‏ أو أكثرها ‏(‏ فقد رفضها ‏)‏ أي العمرة إذ بناء أفعالها على أفعاله مشروع وعند الأئمة الثلاثة لا يصير رافضا ‏(‏ لا ‏)‏ أي لا يصير رافضا ‏(‏ لو توجه إليها ولم يقف ‏)‏ وهو الصحيح من مذهب الإمام ‏(‏ فإن أحرم بها ‏)‏ أي العمرة ‏(‏ بعد طوافه للحج ‏)‏ طواف التحية ‏(‏ ندب رفضها ‏)‏ لتأكد إحرامه بطوافه بخلاف ما إذا لم يطف ‏(‏ ويقضيها ‏)‏ للحج لصحة الشروع فيها ‏(‏ وعليه دم ‏)‏ ‏;‏ لرفضها ‏(‏ فإن مضى عليهما ‏)‏ أي العمرة والحج بأن يقدم أفعال العمرة على الحج ‏(‏ صح ولزمه دم ‏)‏ لجمعه بينهما ‏(‏ وهو دم جبر في الصحيح ‏)‏ وهو اختيار فخر الإسلام واحترز به عما اختاره شمس الأئمة من أنه دم شكر ‏.‏ ‏(‏ وإن أهل الحاج بعمرة يوم النحر ‏,‏ أو أيام التشريق لزمته ‏)‏ أي لزمت العمرة الحاج ‏;‏ لأن الجمع بين إحرامي الحج والعمرة صحيح ‏.‏ ‏(‏ ولزمه رفضها ‏)‏ أي لزم رفض العمرة الحاج كي لا يبني أفعالها على أفعاله مع كراهة العمرة في هذه الأيام ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ لزمه ‏(‏ قضاؤها ‏)‏ تحصيلا لما فاته مع صحة الشروع ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ لزمه ‏(‏ دم ‏)‏ للرفض ‏(‏ فإن مضى عليها صح وعليه دم ‏)‏ أي دم كفارة لجمعه بينهما ‏(‏ ومن فاته الحج ‏)‏ بفوت الوقوف ‏(‏ فأحرم بحج ‏,‏ أو عمرة لزمه الرفض ‏)‏ أي رفض ما أحرم به ‏(‏ و ‏)‏ لزمه ‏(‏ القضاء ‏)‏ لصحة الشروع فيه ‏(‏ و ‏)‏ لزمه ‏(‏ الدم ‏)‏ لرفضه بالتحلل قبل أوانه ‏.‏

باب الإحصار والفوات

باب الإحصار والفوات أي فوات الحج ‏,‏ والإحصار لغة المنع عن كل شيء وشرعا المنع عن الحج والوقوف معا ‏,‏ أو العمرة بعد الإحرام بعذر شرعي وما في الدرر من أنه منع الخوف ‏,‏ أو المرض ليس بسديد ‏;‏ لأنه لا يخص بهذين تدبر وحكمه أن لا يتحلل إلا بذبح أو بأفعال العمرة ‏(‏ إن أحصر المحرم بعدو ‏)‏ مسلم ‏,‏ أو كافر ‏(‏ أو مرض ‏)‏ زاد بالذهاب ‏,‏ أو الركوب ‏(‏ أو عدم محرم ‏)‏ لمرأة بأن مات محرمها بعد الإحرام وبينها وبين مكة ثلاثة أيام وما فوقها ‏(‏ أو ضياع نفقة ‏)‏ ‏.‏ وفي التجنيس إذا سرقت نفقته وقدر على المشي فليس بمحصر وإلا فمحصر ‏;‏ لأنه عاجز وقال مالك والشافعي لا إحصار إلا بالعدو ‏;‏ لأن آية الإحصار وهي قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ‏}‏ نزلت في حق النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه وكانوا محصرين بالعدو ولنا أن الإحصار هو المنع والعبرة للفظ لا لخصوص السبب ‏(‏ فله أن يبعث شاة ‏)‏ ‏,‏ أو قيمتها ليشتري بمكة ‏(‏ تذبح عنه في الحرم ‏)‏ ‏.‏ وإن لم يجد ما يذبح بقي محرما حتى يذبح ‏,‏ أو يطوف ويكفيه سبع بدنة وعن أبي يوسف أنه يقوم الهدي فيطعم المساكين وإن لم يجد الطعام يصوم عن كل نصف صاع يوما وهو قول الشافعي ‏(‏ في وقت معين ‏)‏ ‏;‏ لأن التحلل موقوف على الذبح فلا بد من علم زمانه حتى يقع التحلل بعده والتعين محتاج عند الإمام لا عندهما ‏(‏ ويتحلل بعد ذبحها من غير حلق ولا تقصير ‏)‏ عند الطرفين ‏(‏ خلافا لأبي يوسف ‏)‏ فإنه يقول عليه ذلك لكن لو لم يفعل لا شيء عليه ‏.‏ ‏(‏ وإن كان ‏)‏ المحصر ‏(‏ قارنا يبعث دمين ‏)‏ لحجته وعمرته وعند الشافعي يبعث دما وفيه إشارة إلى أنه لا يتحلل إلا بذبح أحدهما وإلى أنه لا يشترط تعيين أحدهما للحج والآخر للعمرة وإلى أنه لو بعث دما لم يتحلل بذبحه عن أحد الإحرامين ‏(‏ ويجوز ذبحها قبل يوم النحر ‏)‏ أي وقت شاء عند الإمام ‏(‏ لا في الحل ‏)‏ ‏.‏ وقال الشافعي يذبح في موضع أحصر فيه ‏(‏ وعندهما لا يجوز ‏)‏ ذبحها ‏(‏ قبل يوم النحر إن كان محصرا ‏)‏ بفتح الصاد ‏(‏ بالحج ‏)‏ وإن كان محصرا بالعمرة يجوز ولا يتوقف بالزمان إجماعا ‏(‏ وعلى المحصر بالحج ‏)‏ فرضا ‏,‏ أو نفلا إذا تحلل ‏(‏ قضاء حج ‏)‏ من قابل للزومه له بالشروع ‏(‏ وعمرة ‏)‏ لأن على فائت الحج التحلل بأفعال العمرة لكن إذا قضاه في عامه ذلك لا تجب عليه ولا يحتاج إلى نية التعيين عند الإمام فلو قضاه من قابل فهو مخير إن شاء أتى بكل واحد من الحج والعمرة على الانفراد وإن شاء قرن وعند الشافعي عليه حج لا غير ‏(‏ وعلى المعتمر ‏)‏ المحصر قضاء ‏(‏ عمرة ‏)‏ الإحصار عنها متحقق عندنا خلافا لمالك والشافعي ‏(‏ وعلى القارن ‏)‏ المحصر ‏(‏ حجة وعمرتان ‏)‏ الأولى للقران والثانية لكونها كالفائت وعند الأئمة الثلاثة حجة وعمرة لا عمرتان ‏(‏ فإن زال الإحصار بعد بعث الدم ‏)‏ ‏;‏ لأنه لا يخلو إما أن يدرك الحج والهدي ‏,‏ أو لا يدركهما ‏,‏ أو يدرك الأول دون الثاني ‏,‏ أو بالعكس فهذه أربعة أقسام تفصيلها قوله ‏(‏ وأمكنه ‏)‏ أي المحصر ‏(‏ إدراكه ‏)‏ أي الهدي ‏(‏ قبل ذبحه و ‏)‏ أمكنه ‏(‏ إدراك الحج ‏)‏ بالوقوف بعرفة ‏(‏ لا يجوز التحلل ولزم المضي ‏)‏ لزوال العجز قبل المقصود بالخلف وفيه إشارة إلى أن من لم يقدر أن يدركهما لا يجب عليه التوجه ‏(‏ وإن أمكن إدراكه ‏)‏ أي الهدي ‏(‏ فقط تحلل ‏)‏ ‏;‏ لأنه عجز عن الأصل ‏.‏ ‏(‏ وإن أمكن إدراك الحج فقط جاز التحلل استحسانا ‏)‏ وهو قول الإمام والقياس أن لا يجوز وهو قول زفر وهذا القسم لا يتصور على قولهما في الحج لما مر أن دم الإحصار بالحج يتوقف بيوم النحر فإذا أدرك الحج يدرك الهدي ضرورة وفي المحصر بالعمرة يتصور فينبغي أن يكون جوابهما فيه كجوابه كما في الإصلاح ‏(‏ ومن منع بمكة عن الركنين ‏)‏ أي الطواف والوقوف ‏(‏ فهو محصر ‏)‏ سواء كان مفردا ‏,‏ أو قارنا فيتحلل بالهدي ‏,‏ وفي رواية عنه أن المنع بمكة ليس بإحصار بعدما صارت دار إسلام كما في المحيط ‏.‏ ‏(‏ وإن قدر على أحدهما فليس بمحصر ‏)‏ لأنه إن قدر على الوقوف يتم حجه به فلا يثبت الإحصار وإن قدر على الطواف له أن يتحلل به فلا حاجة إلى التحلل بالهدي كفائت الحج وعند الشافعي محصر بالمنع عن أحدهما ‏(‏ ومن فاته الحج بفوات الوقوف بعرفة فليتحلل ‏)‏ عن إحرامه ‏(‏ بأفعال العمرة ‏)‏ فيطوف ويسعى بلا إحرام جديد لها ‏(‏ وعليه الحج من قابل ‏)‏ أي في العام القابل ‏(‏ ولا دم عليه ‏)‏ وعند الأئمة الثلاثة عليه دم ‏(‏ ولا فوت للعمرة ‏)‏ بالإجماع ‏(‏ وهي إحرام وطواف وسعي ‏)‏ فالإحرام شرطها والطواف والسعي ركناها ‏(‏ ويجوز ‏)‏ العمرة ‏(‏ في كل السنة ‏)‏ أي في كل يوم من أيامها ‏;‏ لأنها غير موقتة ‏(‏ و ‏)‏ لكن ‏(‏ تكره ‏)‏ العمرة ‏(‏ يوم عرفة و ‏)‏ يوم ‏(‏ النحر وأيام التشريق ‏)‏ وعن أبي يوسف أنها تكره في يوم عرفة قبل الزوال وعند الشافعي لا تكره في وقت من الأوقات أصلا ‏(‏ ويقطع التلبية بأول الطواف ‏)‏ ‏.‏

باب الحج عن الغير

‏(‏ باب الحج عن الغير ‏)‏ إدخال اللازم على غير غير واقع على وجه الصحة بل هو ملزوم الإضافة ولما كان الأصل كون عمل الإنسان لنفسه لا لغيره قدم ما تقدم ‏(‏ تجوز النيابة في العبادات المالية ‏)‏ كالزكاة وصدقة الفطر ‏(‏ مطلقا ‏)‏ أي في حالة القدرة والعجز ‏;‏ لأن المقصود يحصل بفعل النائب فالعبرة لنية الموكل لا نية الوكيل ‏(‏ ولا تجوز في البدنية ‏)‏ المحضة كالصلاة والصوم والاعتكاف وقراءة القرآن والأذكار ‏(‏ بحال ‏)‏ من الأحوال لا في حالة العجز ولا في حالة القدرة ‏;‏ لأن المقصود وهو إتعاب النفس لا يحصل بفعل النائب ‏(‏ وفي المركب ‏)‏ الأولى ‏,‏ وفي المركبة ‏(‏ منهما ‏)‏ أي من البدن والمال ‏(‏ كالحج يجوز عند العجز ‏)‏ لحصول المشقة بتنقيص المال ‏(‏ لا ‏)‏ تجوز ‏(‏ عند القدرة ‏)‏ لعدم إتعاب النفس نظرا إلى كونه بدنيا فعملنا بالشبهين بالقدر الممكن ‏(‏ ويشترط ‏)‏ في صحة العجز عن الغير ‏(‏ الموت ‏)‏ أي موت المحجوج عنه ‏(‏ أو العجز الدائم إلى الموت ‏)‏ إذا كان العجز يرجى زواله غالبا كالمرض والحبس وغيرهما فأحج ‏,‏ فإن استمر العجز إلى الموت سقط الفرض عنه فلو زال عجزه صار ما أدى تطوعا للآمر وعليه الحج وعند أبي يوسف إن زال العجز بعد فراغ المأمور عن الحج يقع عن الفرض وإن زال قبله فعن النفل كما في المحيط وإن كان لا يرجى زواله كالعمى والزمانة سقط عنه الفرض ويجب عليه الإحجاج سواء استمر ذلك العذر ‏,‏ أو لا كما في البحر وغيره فعلى هذا عبارة المصنف غير وافية بل الحق التفصيل ‏,‏ تدبر ‏.‏ ‏(‏ وإنما شرط العجز للحج الفرض لا للنفل ‏)‏ ‏;‏ لأن النفل يصح بلا شرط ويكون ثواب النفقة للآمر بالاتفاق وأما ثواب النفل فالمأمور يجعله للآمر وقد صح عند أهل السنة كالصلاة والصوم والصدقة كما في الهداية ‏(‏ فمن عجز ‏)‏ عن أداء الحج ‏(‏ فأحج ‏)‏ أي أمر بأن يحج عنه غيره ‏(‏ صح ‏)‏ وفيه إشارة إلى أنه إذا أحج وهو صحيح ‏,‏ ثم عجز واستمر لا يجزيه لفقد الشرط ‏(‏ ويقع عنه ‏)‏ أي عن الآمر على الصحيح وهو ظاهر المذهب لكنه تشترط أهلية المأمور بصحة الأفعال كما في أكثر المعتبرات وعن محمد يقع عن المأمور ‏.‏ وقال شمس الإسلام يقع عن المأمور في قول أصحابنا وللآمر ثواب النفقة ‏;‏ لأن النيابة لا تجزئ في العبادات البدنية ‏(‏ وينوي النائب عنه ‏)‏ حتى لو نوى عن نفسه وقع عنه وضمن النفقة ‏(‏ فيقول لبيك بحجة عن فلان ‏)‏ عند الإحرام بعد الركعتين ‏(‏ ويرد ‏)‏ النائب ‏(‏ ما فضل من النفقة إلى الوصي أو الورثة ‏)‏ ‏,‏ فيه قصور فالأولى أن يقول إلى من أحج ليشمل من عجز فأحج تدبر ‏(‏ ويجوز إحجاج الصرورة ‏)‏ بالصاد المهملة الذي لم يحج ويقال صرورة وصرارة وصارورة وصارور وصروري صنوصاروراء كما في القاموس ولكن يجب عليه عند رؤية الكعبة الحج لنفسه وعليه أن يتوقف إلى عام قابل ويحج لنفسه ‏,‏ أو أن يحج بعد عوده إلى أهله بماله وإن فقيرا فليحفظ والناس عنها غافلون ‏(‏ والمرأة والعبد ‏)‏ المأذون لوجود أفعال الحج ‏(‏ وغيرهم أولى ‏)‏ ليقع حجه على أكمل الوجوه وليكون أبعد عن الخلاف ‏.‏ وفي الشمني ويكره إحجاج الأنثى والعبد ومن لم يحج عن نفسه ‏.‏

باب الهدي

باب ‏(‏ الهدي ‏)‏ ‏(‏ هو ‏)‏ اسم ما يهدى من النعم إلى الحرم ليتقربه ‏(‏ من إبل ‏,‏ أو بقر أو غنم ‏)‏ وهو متفق عليه ‏(‏ وأقله شاة ولا يجب تعريفه ‏)‏ أي الهدي وقد بيناه آنفا ‏(‏ ويجزئ فيه ما يجزئ في الأضحية ‏)‏ ‏;‏ لأنه قربة تعلقت بإراقة الدم كالأضحية ‏(‏ وتجزئ الشاة في كل موضع ‏)‏ والأولى أن يقول في الكل أي الجنايات وغيرها ‏(‏ إلا إذا طاف للزيادة ‏)‏ أي حال كونه ‏(‏ جنبا أو جامع بعد وقوف عرفة قبل الحلق فلا يجزئ فيهما إلا البدنة ‏)‏ ‏,‏ وليس مراده التعميم فإن من نذر بدنة أو جزورا لا تجزيه الشاة ‏(‏ ويأكل ‏)‏ استحبابا ‏(‏ من هدي التطوع ‏)‏ إذا بلغ محله ‏(‏ والمتعة والقران ‏)‏ إلا عند الشافعي من دم المتعة والقران ‏(‏ لا ‏)‏ يأكل ‏(‏ من غيرها ‏)‏ ‏;‏ لأنها دماء كفارات خلافا لمالك ‏(‏ وخص ذبح هدي المتعة والقران بأيام النحر دون غيرهما ‏)‏ أي يجوز ذبح بقية الهدايا في أي وقت شاء خلافا للشافعي ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ خص ‏(‏ الكل بالحرم ‏)‏ قال الزيلعي واعلم أن الدماء على أربعة أوجه ما يختص بالزمان والمكان وهو دم القران ودم التطوع في رواية القدوري ودم الإحصار عندهما وما يختص بالمكان دون الزمان وهو دم الجنايات ودم الإحصار عنده والتطوع في رواية الأصل وما كان عكسه وهو دم الأضحية وما لا يختص بهما وهو دم النذور وعند الطرفين وعند أبي يوسف يتعين بالمكان ‏(‏ ويجوز أن يتصدق به ‏)‏ أي الهدي ‏(‏ على فقير الحرم وغيره ‏)‏ من الفقراء المستحقين ‏.‏ وقال الشافعي يختص به ‏(‏ ويتصدق بجله ‏)‏ وهو بالضم ما يطرح على ظهر الدابة ‏(‏ وحطامه ‏)‏ بالكسر وهو حبل يجعل في عنق البعير ‏(‏ ولا يعطي أجر الجزار ‏)‏ أي الذابح ‏(‏ منه ‏)‏ أي من الهدي ولكن لو تصدق شيئا عليه سوى أجرته جاز إذا كان ممن يستحقه ‏(‏ ولا يركبه ‏)‏ أي الهدي ‏(‏ إلا عند الضرورة ‏)‏ وعند الأئمة الثلاثة يجوز أن يركبه بغيرها إلا أن يهزله فحينئذ لا يجوز ‏(‏ فإن نقص بركوبه ‏)‏ شيء منه ‏(‏ ضمنه ‏)‏ أي النقصان ‏(‏ ولا يحلبه ‏)‏ أي الهدي إذا كان له لبن ‏;‏ لأنه جزء منه ‏(‏ فإن حلبه ‏)‏ وانتفع به ‏,‏ أو دفعه إلى الغني لوجود التعدي منه كما لو فعل ذلك بوبره ‏,‏ أو صوفه ‏(‏ تصدق به ‏)‏ أي باللبن ‏(‏ وينضح ضرعه بالماء البارد لينقطع لبنه ‏)‏ قالوا هذا إذا قرب من وقت الذبح وأما إذا أبعد عنه فيحلب دفعا للضرر ويتصدق بمثله ‏,‏ أو قيمته إلا إذا استهلك فإنه بالقيمة ولو ولد الهدي ذبح مع الولد وإن شاء تصدق به ‏(‏ فإن عطب ‏)‏ بالكسر أي هلك ‏(‏ الهدي الواجب ‏,‏ أو تعيب ‏)‏ عيبا ‏(‏ فاحشا ‏)‏ يمنع جواز الأضحية ‏(‏ أقام غيره مقامه ‏)‏ ‏;‏ لأنه واجب في ذمته والعيب لا يصلح لذلك ‏(‏ وصنع بالمعيب ما شاء ‏)‏ ‏;‏ لأنه التحق بملكه وإن عطب أي قرب إلى العطب وإنما فسرناه ‏;‏ لأن النحر بعد حقيقة العطب لا يتصور ‏(‏ التطوع نحره وصبغ نعله ‏)‏ أي قلادته ‏(‏ بدمه وضرب به ‏)‏ أي بنعله ‏(‏ صفحته ‏)‏ أي صفحة سنامه ‏(‏ ولا يأكل منه هو ولا غني ‏)‏ لعدم تمام القربة وفائدة الفعل أن يعلم الناس أنه هدي فيأكل منه الفقراء ‏;‏ لأن التصدق على الفقراء أفضل من أن يترك لحما للسباع ‏(‏ وليس عليه غيره ‏)‏ لأنه تطوع ‏(‏ وتقلد بدنة التطوع والمتعة والقران ‏)‏ ‏;‏ لأنها دماء نسك ‏(‏ لا ‏)‏ يقلد ‏(‏ غيرها ‏)‏ كدماء الجنايات والكفارات والإحصار ‏;‏ لأن سببها الجناية ‏,‏ والستر أليق لو قلد دم الإحصار لا يضر كما في المبسوط ‏.‏ وفي المحيط يقلد دم النذر ‏.‏

مسائل منثورة

جرت عادة المصنفين أن يذكروا في آخر الكتاب ما شذ وندر من المسائل في الأبواب السالفة في فصل على حدة تكثيرا للفائدة ويترجموا عنه بمسائل منثورة أو مسائل متفرقة ‏,‏ أو مسائل شتى أو مسائل لم تدخل في الأبواب ‏(‏ شهدوا أن هذا اليوم الذي وقف فيه يوم النحر بطلت ‏)‏ هذه الشهادة والحج صحيح استحسانا ‏;‏ لأن هذه الشهادة قامت على النفي وعلى أمر لا يدخل تحت الحكم ‏;‏ لأن غرضهم نفي حجهم والحج لا يدخل تحت الحكم ‏;‏ لأن الحج عبادة لا يجبر عليها ولا يدخل تحت الحكم‏;‏ ولأن فيه بلوى عاما لتعذر الاحتراز عنه والتدارك غير ممكن ‏,‏ وفي الأمر بالإعادة حرج بين فوجب أن يكتفى به عند الاشتباه صيانة لجميع المسلمين كما في الكافي والقياس أن لا يصح ‏.‏ ‏(‏ ولو شهدوا أنه ‏)‏ أي اليوم الذي وقفوا فيه ‏(‏ يوم التروية صحت ‏)‏ هذه الشهادة لإمكان التدارك فلو شهدوا يوم التروية أن هذا اليوم يوم عرفة ينظر فإن أمكن الإمام أن يقف بالناس أو أكثرهم قبلت شهادتهم قياسا واستحسانا للتمكن من الوقوف وإن لم يقفوا عشيته فاتهم الحج وإن أمكن أن يقف معهم ليلا لا نهارا فكذلك استحسانا وإن لم يمكنه أن يقف ليلا مع أكثرهم لا تقبل شهادتهم ويأمرهم أن يقفوا من الغد استحسانا ‏,‏ وفي لفظ الجمع إشارة إلى أنه لا تقبل فيه إلا شهادة جمع عظيم فلا تقبل شهادة عدلين وقال بعضهم تقبل شهادتهما كما في المحيط ‏.‏ وفي الكافي ينبغي للقاضي أن لا يقبل هذه الشهادة ‏;‏ لأن فيه تهييجا للفتنة ‏.‏